ظلت تلك التنقلات سارية بين البلدان والمجموعات, اما في تصور هجرة داخلية او هجرة خارجية,وماتزال الهجرة الدولية او الخارجية تخضع لمقتضيات حب البقاء وان كان الدافع اليها اليوم اكثر من اي وقت مضي هو شدة الحاجة الي الحصول علي عمل,فملايين الاشخاص يضطرون الي الرحيل عن اوطانهم,لا بدافع السعي الي بلوغ مستوي حياة مادية افضل بقدر ما هو بدافع العثور علي عمل من اي نوع كان,وهم لذلك يتجهون نحو الاقطار الاصطناعية,حيت يعد اليهم باعمال بانف من ادائها مواطنو تلك الاقطارسواء كانت هجرتهم مشروعة ام غير مشروعة بصحبة دويهم او بدونهم فانهم يكونون اشد ميلا الي العودة الي اوطانهم في خاتمة المطاف منهم الي الاستقرار في بلد اخر يتخدونه وطنا لهم.
الا ان جملة من المشاكل تعترض نسبة كبيرة من اولائك المهاجرين الذين اصطحبوا معهم ذويهم ,فغالبا ما ينشا اولادهم نشاة تحمل التناقضات عديدة من جراء بعض العادات المتميزة التي تنم عن انتمائهم الي فئة مختلفة(كاللباس وانواع الطعام,والخلفية الشخصية).
والمشاهد عموما ان التجربة التي يمر بها المهاجر في حياته اليومية,انما هي تجربة اغتراب ثقافي وعزلة,وتناقض ورفض,الامر الذي يجبره علي ولوج عوالم اجتماعية يكتنفها الانفصام والصراع لانه يعيش في ارض وبيئة وثقافة غريبة عنه,ينظر اليه كاذاة عمل وانتاج,وينحى علي هامش المجتمع وثقافته,وهكدا نشهد انطواءا على الذات وانطواءا علي المجتمع,فلا يشعر الفرد منهم بالطمانينة الا بين ذويه,ويسترجع الاحلام الاولى التي راودته في بداية الهجرة,وتصوره للبلد المهاجر اليه تصورا مثاليا,فيشكل هذا الفارق الكبير بين ((البلد_الحلم))وبين الواقع الفعلي الذي يحياه في المهجر تجربة مريرة,وتضطرب ثقته بنفسه فيشعر بانه نكرة قليل الحيلة ويحار في امر تقديره لذاته في هذا الخضم المجهول الذي يمكنه التحكم فيه حثى في داخل شقته,اذ يحس بانه مكبل بقيود يرى فيهامساسا بحريته الشخصية,فهو لا يستطيع ان يحتفل ببعض المناسبات الدينتة او العائلية (عيد الاضحى مثلا),وهو لا يستطيع ان يحدث ضوضاء بعد اوقات معينة,فيضل في تارجح وحرج ويتجادبه من جهة انتماء عميق ولا شعوري الي ثقافته الاصلية التي لا يريد ان يفقدها او يخونها ومن جهة اخرى عمله وقوت يومه الكفيل بانجاح مشروعه في جمع المال والعودة الي الوطن.
لف الظلام قرانا وهي هادئة****كم معدم في هدوء النوم يبتسم
والحلم يعدب في الواحات ما خفقت****قلب السماء نجوم فانتشت ظلم
وانهال سيل من الامال يغمرنا****يغزو الصدور,شتاتا ثم يلتئم
حثى اذا صار ضوء الفجر منبلجا****هد الصباح صروحا وانقضى الحلم
حط الظلام على باريس وانتشرت****اضوائها فاذا بالقلب يضطرم
وارتد بي الفكر نحو الشرق,منطلقا****اطوي البحار,وما اتهتز لي قدم
اني لفي غربة تشتد قسوتها****ليلا علي,فاقسو ثم انهزم
لي صبية قوتهم من غربتي ابدا****افيدهم,ما جرى وسط العروق دم
ارسلت مالا الي اهلي فايقضني****صوت من الاهل في اعماق يحتدم
اني ارى والدي,والبشر يغمره****عند البريد,وفي العينين يرتسم
احيا هنا جسدا والروح في بلدي****ضاق الفضاء واني المنهك البرم
سلواي اني علي طول الفراق قو****ام الصبية الغر منفيا فاكتتم
اني الشريد ومالي لحضة دعة****حتي يهد عظامي الصمت والهرم
لكن لي املا في موطني ابدا****تزهو الحياة يوما وتنتظم
*علي عارف*
هذا خطاب الي كل من له الرغبة في النظر الي المساوء ومخاطر وما ينتج عن الهجرة الي الضفة الاخرى